الخميس، 20 أكتوبر 2016

مدونة الشعر : قصائد النثر



1-تمهّل قليلا         



شعر



المختار محمد الدرعي









كنتَ وحدكْ


لا أثر على أدِيم ذاك الليل غيركْ

تُصادقُكَ اليقظة

و يُلازمُك وجع نهار مضى 

يُحيلُ بينك و النعاس... 

كأنَّ على وجهك 

مَلامحُ سماءٍ ستُمطر 

كأنَّ في رأسكَ دوي سحاب

و شوارع تغرق و 

تغرق ...

و أنت تطفو على سطح الفوضى

تركب حشدا من ورقات 

مُمْسكا جُذع قلمٍ ...

ترسم 

القمر عالقا بنافذة على يمينك

و ليلةً كم كنت تتمناها هادئة على شمالك ...

ترسم على ترسبات الذاكرة 

مرجا أخضرا , شياها , و رعاة 

و تمحو الخراب 

و كم كنت دائما تمنعطف في قصيدتك 

بعيدا عن أشواك الطريق

و عن حواجز الهلاك 

لعلك تنجو لتحيا ليلة قادمة

و ترسم على ورقات أخرى 

قصيدة أخرى و وطنا آخر كما ترضاه




حتى مطلع الفجر : شعر المختار محمد الدرعي
يوتوب من تصميم : الأديبة المصرية منار يوسف
في الليل دائماأعد للزائر مائدتي :
التبغ , القهوة, الفانوس و القصيد
و حين يطرق الباب ضيفي : الوجع
أدعوه للعشاء ...
تلوك أضراس الذاكرة
ألف فكرة و ذكرى
و أرسم بالقلم دائرة
تمر عبرها الأزمنة....
أمتطي قطار المعنى
أعبر القارات الخمسة
رأسي : قارة سادسة ...
في الليل
تأوي العصافير إلى غرف نومها على أغصان الشجر
و تأوي الكلمات إلى أعشاشها على سرو التأويل..
في الليل دائما أسرح في جراح المشردين
تقبض شفتايا على الكلمات ذاتها
تطل على لساني غربان القصائد ذاتها :
كانوا كلهم ذئابا يدعون حسن النوايا
أمام حشود الخرفان الصغيرة ...
كل المدن طالها الوباء الآن...
رأيت الجدران تتقيأ الحجارة و الإسمنت
رأيت الشوارع في النزع الأخير من أحذية المارة...
رأيت نجوما تأوي إلى بيوتها السماوية ...
و رأيت نجوما على أكتاف
ذوي الرتب العالية و الشرطة
تلمع في ظهيرة القتل
فغسلت قميص كلامي
و علقته على حبل الصمت ...
أعلنت ولائي للتراب دونهم ...
لا أحد يسمعني الآن
لا أحد أسمعه الآن
وداعا ....





3- ربيع المدينة شعر : المختار محمد الدرعي


ربيع المدينة






شعر




المختار محمد الدرعي






الفصل شتاء برأسي ..



رياح المدينة



تكسر صفصافة البال



تذرو تراب الطمأنينة



و تولول في فيافي الذاكرة



كل الذين سقطوا



سدوا طريق الذهاب إلى النعاس



و ناموا جثثا من حيرة في خيمة القلب..



أفواه البنادق تقول رصاصا



الشهيد قمرا يسقط من سمائه للتو



و العشب كلبا يلعق الدم



و آخر الوصايا: لتعلو أبراج العناد



و صومعة الغضب



ليسقط الظلام من كبد الضياء



ليغسل القمر وجهه من غيم السماء



وليترجل ذات ليلة كعادته في مياهنا...



لتخرج حناجر الديكة ذات فجر



من سجن الهدوء الموفر للسلطان



و ليعلو صوت المؤذن بعيدا



عن أمقاص الإزعاج ...



لتبكي الشمس ذات صباح



نورا



وتغسل ذاكرة المدن من بارحة الدم...



ليمضي الظلام عاريا من ثوب المدينة



وحيدا يرتدي قميص الجريمة ...



شكرا لكل الذين



ربطوا قدم التاريخ



إلى لسان الحروف



و كشفوا للآتي



خراب الريح و فضل المطر








4- مساء الحنين : شعر المختار محمد الدرعي 
ترجمة الأديب السعودي : سامي جميل 

5
تحط طيور الأرق على عشب رأسي
تفر فراشات النعاس من على زريبة رموشي
تحيط برأسي ثعالب الذكريات ...و إشتياق الوطن...
تقاسمني وسادتي
تشنقني و ترميني خروفا جاهزا لذئب اليقظة
ياخذني قلمي من بين فكيه
يفرش لي بساطا ...
أمتطيه ...أطعمه عشب الذاكرة على أرصفة اللغة
و سعال حنجرتي صوتا للنهيق
و حين تدوي سحب المخيلة
يجهش حبرا و كلمات
تتدحرج صخور المعاني من رأسي
الى سفح اللسان
لترسم تمتمة على شفاهي: أحبك يا وطني....
أعود وراءا في طريق العمر..
أجلس تحت شجرة الطفولة
تستحضرني ساعات القيلولة
أستل سكين التاريخ
أسلخ الماضي و أتربع
على جلده
أشعل كانون الذكريات
أطهو الحاضر شايا بلا سكر
و أمضي في زقاق الليل
حتى شارع الصباح.....
ليتها الحرباء تعيرني لون الفرح ...
كانت حاضرة تتسلق برأسي شجرة
وكنت أتسلق حذوها الكلمة
ليتها تعلمني الأخضر و البنفسجي
كي أصبغ العتمة على ربوة فراشي....
ليت ألمي حذاءا
لأهرب حافيا منه
ليت وطني قمرا
لأكون تمثال الزمن المحدق فيه
ليت ...ليت


Evening of nostalgia

Birds of insomnia landing on the grass of my head
Drowsiness butterflies fleeing from over my corral eyelashes
Memories' foxes are encircling my head
And Homesickness is sharing my pillow with me
Hanging me, and throwing me a prepared lamb to the awakening wolf
My pen takes me off his jaws
Spreads a carpet for me
Riding it … feeding it memory's grass on the pavements of the language
And my throat coughs are a sound for a bray
And when the reflection clouds blare
Weeping ink and words
Meanings' rocks are trundling from my head
To the tongue's hill
To draw a stammer on my lips : Love you my homeland
Going back in the way of life
Sitting underneath the childhood tree
conjuration the hours of the nap
Whop the knife of the history
Strip the past and sit cross-legged on its skin
Fire up the hearth of memories
Cook the present a tea without sugar
And I proceed in the alley of the night
To the morning's street
Would the chameleon lend me the joy color
It was present climbing a tree in my head
And Imitate it, I was climbing the words
Would it teach me the green and the purple
To color the darkness over my bed's eminence
Would my pain be a shoe
To runaway bare feet
Would my homeland be a moon
To be the time statute that staring at it
Would it be
Would it be








5- تلوث : شعر المختار محمد الدرعي


تستوطن عناكب الجنون صوامع أحلامنا

و ترتدي شوارعنا بدلة الشموخ

على أنقاض هياكل العشب ..

ها قد بلغنا حضارة السحاب

عند الطابق المئة من البناية ..

لا محبرة تعيدنا إلى زمن الخربشة

على جلد شاة

أو على سعف نخلة ..

لا طير الآن يعرج إلى سمائنا غير حشد من الأدخنة

و سرب طائرات

حتى الغراب غدا مهاجرا منذ أن علمنا كيف نواري جثة أخينا ..

كل الفكرة صارت تؤدي إلى وطن بلا نخيل ..

إلى حدائق تجردت من قمصانها الخضراء

أمام زائريها

إلى مراكب اغتالت بغالنا و الإبل

و أخذتنا ككائنات أخرى إلى

أسوار خلف القمر ..









6- آخر حدود الطعنة  :المختار محمد الدرعي


مثل قمر عرَّش على وجهه ذباب الغيم

مثل ساحل أمَّ صباحاته وحش الضباب

مثل طير يحمل تواقيع سنين عجاف

ينبش في رماد الحرائق عن وجه آخر للحياة ...

أقرأه في ملامح حبري

و أراه مستلقٍ على ورقي

متوسدا كيس حلم قديم ..

أراه

يعاقر الحيرة في حانة إنتظاري

يتلوى سكرانا على بلاطات

الممرات العابرة بين منابر الخطابة

و سعال البنادق...

أراه يحتسي الكبوة و القهوة معا

على أرصفة المساءات

المعبأة بالسحب الكاذبة

و يحصي أعداد العابرين إلى الآخرة :

هذا جسر مكسور القوائم ..

هذا شارع مطعون في الخاصرة ..

هذه جثة مدينة متعفنة تحت الحطام

و هذه بقايا عناوين

محمولة على أعناق ساكنيها

تسير شمالا أو جنوبا على الهامش الممتد...

أي ليل أخفى شمسك في جيب معطفه

و تاه في المجرة ؟

أي ربيع هذا الذي جعل وجهك ورقة صفراء

تسقط قبل خريف الحضارة ؟

و أي وحوش تلك التي تترصدنا

عند منافذ ساعاتك و ثوانيك.......؟

لا شيء الآن... لا شيء

تتنبأ به نجومك البعيدة

غير أن نذبح صمتنا قربانا

لهذي القصيدة



7- على قارعة الصباح


شعر : المختار محمد الدرعي




كعهدي القديم

كل صباح أشرب قهوتي

في فناء القصيد...

كل صباح

أسرج قلمي دابة للرحيل…

بالكلمات أطرق أبواب الجهات

و بمطرقة القصيد أكسر زجاج العالم

فأسمع رَجْعُ صَدى

أناتِ الفصول و نحيب العناوين ...

كعهدي القديم ألوذ بي

كل يوم جديد

أطل على ربوة رأسي محدقا :

صخب كل الجهات

ضباب ..ضباب

كل هذا العالم ....
.............
كعهدي القديم

أنزل من بطن البارحة

عند كل فجر جديد

أحثو على بساط ورقي..

يتصبب قلمي حبرا

و أتصبب تأملا

أسافر بعيدا دوني..دون وجهة...

كم مرة

عبرت بوابات المعارك القديمة

فضاعت راحلتي و سرقوا غنائمي

كم مرة

يقتلني القراصنة في طريق الذهاب إلى الأمنيات

أو في طريق العودة إلى مدائن الطموح

كم مرة

يطعنني الأنكسار غدرا

و يمضي...

كعهدي القديم

هكذا

أسافر حائرا

إلى صخب الأرصفة و منابع الضجيج

باكرا مع الرعاة و الكادحين



8-البواب / المختار محمد الدرعي



تعالي أيتها الكلمات طيور هاربة من سكين

و من أقفاص

حطي على غصن الشفاه

و حجر اللسان

أرعي غابات إكليل الغضب وصنوبر العناد

أشربي من غدير الإعتصام أو الدم

لا يهم عدد المصابين

أو الذين سافروا إلى مدن الدود

لتكن الشوارع زوابع...

جعلوا لشفاهك أزرارا كمعطف

و لفمك بوابا كقصورهم

كلابهم أقراط حراسة على فتحات أذنيك
أي صوت تسمع ؟...ماذا
قالت لك الذبابة العابرة فوق رأسك حين طنت ؟
ماذا هتفت الناموسة التي عبأت جرابها من دمك
و غنت احتفالا...
نحن لا نستسلم
سوف نشتري فاكهة الحرية
بدرهم النصر أو المقبرة
لا يهم عدد قتلانا
النمل يموت تحت أقدام الأرصفة
ويتكاثر..
كلنا تفاؤل
نقشر دائرة الحياة
نأكل برتقال الوقت
و رمان اللحظات
نكتحل بالشعاع
في ليلة بلا قمر
نفتح ثقبا بالصدر أو نافذة
للضوء
و نبتسم مثل صباح
لوطن قادم على مشارف فجر
نربط الوجع بمنديل أبيض
نعاقر الشاي والأسبرين للتسكين
و نكمل المشوار جرحى

أو مساجين


9- ضياع









يقلقني مساري اليومي

في ممرات تؤدي
إلى غرف الذات و زنازين الحيرة …

يؤلمني نهر يأكل أطراف المدينة
و سيول عابثة تدوس بأقدامها المائية على قداسة الجغرافيا
و القرى النائية الفقيرة ؟
يقلقني سقوط حشد من الصنوبرات الصغيرة
بمنشار
الباحثين عن خشب جيد

تحيرني الشمس حين تمارس كل مساء
لعبة الإختفاء وراء الجبال
و الأبراج العالية
ليقيم الليل مهرجانا للحلكة…؟
أسألني مرات عدة ما الفرق
أن تنام في غرفتك
أو في قبرك القريب منك مرمى الرصاصة ؟….
أحيانا تداعبني يد من فرح قديم
و أحيانا يؤلمني مسمار في خشب النهار
و سؤال عن قافلة تاهت..
ضلت طريقها إلى


واحة العشب و الماء









10- ورقات من دفاتر القلب 


يدفعني بزوغ الشمس إلى بركة اليوم الجديد , حيث الوطن ..المطار , و سفر الحنين بدوني.. أتخبط ,ألتقط الأنفاس و النجدة..أتشبث بأمنية على حافة النهار ..أصنع ابتسامة لأمحو ثوب الليل من على ملامحي ..أستل حبلا من أوردة قلبي ,و أربط كلب اليأس بعيدا عن خيمة الذاكرة, أهديه عظما من موائد صمودي... يحطني الليل عصفورا مبللا على غصن إغفاءة ,بين هدير المحركات ,و عيون المصابيح الجاحظة في وجه الشارع ,يزجّ بي إلى بوابة نعاس مغلقة.... تتطاير فناجين القهوة المرّة أفواجا إلى رأسي ,تمزق جواز سفري , و تأشيرة دخولي إلى أرض النعاس ,تحتجزني في مطار الانتظار من الصباح إلى الصباح حاملا حقائب الأرق...السجائر عساكر بيض ترسو على بوابة الشفتين , و تضرب القلب المتهم بمحاولة تهريب الأكسجين إلى أوردته ... يصيح في رأسي ديك المنبه عند مشارف الفجر , يأخذني عنوة من البارحة , حيث تقودني قدماي إلى حذائي , ليجرني حبل الأمل إلى زحمة الأرصفة ..إلى كانون الشمس الذي يطهو لحم الأرض ,منذ أول التاريخ ...إلى ذيول السيارات التي تشحن الذهب الأسود للرئتين بلا ثمن , و إلى يد الريح التي تطعم عيناي سكر الأرض الأحمر....

هكذا تداوي الجدران جراحها بالإسمنت ,وأرمم بناية قلبي بحجرالتوق للغد ..أدق جداره بمطرقة الأمنيات

و أشد ركائزه بحديد الجميل من الذكريات....











11- حصاد الليل : المختار محمد الدرعي



أقطع عصا من شجر الغياب
أهش على ذباب انكساراتي
المتدفق على سكر القلب
أقطع لرجلي مسلكا في ثنايا التوق
أقود على الأرض خطايا
وأسوق في صحراء البال قافلة من أمنيات

أبحث عن مراعي تصادفها الغيوم..
أدمن الترحال ...
أعود من تضاريس صمتي
إلى سهول الكلام..
في خريف الشعر
أدق خيمتي ليلا على أرض دفتري
أزرع نبات الأحرف
أغذيه من أمس الذكريات
تعلو سنابل اللغة في رأسي
و رائحة الحصاد بذاكرة أنفي...
تصفعني الأخبار فجأة
من ضفة قلبي البعيدة
تقول لي الريح :
مات صديق و فاض نهر
سقطت شجرة كنت أصادقها
سقط نظام و رئيس
رفض الغيم البكاء على جسد الحقول
ماتت شجرة تين و غابت لوزة
هجرت بساتيننا العصافير...
كل الأخبار و الأسئلة:
قطط من حيرة
تجوب شارع الخيال
تقول لي : لا تنام ...لا تنام
صار لا وقت لوقتي
إختلط الصباح , الغروب , و منتصف الليل
ولا أعرف أمازلت قابعا في الأمس
أم أنا في هذا اليوم


12- نحب البلاد



صباح جريح...

نهار يتوكأ على

عصا تتلوى في يد الريح

غيوم تصفع بكفها وجه الشموس

فوانيس ذابلة

تتقاسم و المدينة الفتور...

صياح آت من أزقة تتثاءب... لم تنم ليلتها

وقت يحث الخطى نحو مساء

مثقل بالعواصف و المجهول

هذا الصباح خال من الباعة و المارين

لا أحذية تطقطق على الأرصفة

لا سيارات تدوس جسد الطريق الطويل

لا دبيب نملة أمام بابي

لا أثر لأقدام نَومٍ على الرموش

المُكتَحلة بالإزرقاق

لا زقزقة صباحية على شجرة تعانق نافذتي

لا هديل حمام

لا صوت يعلُو فوق الرعب

و أناشيد الرصاص ...

كلب الظلمة مازال يَلْعقُ بقايا الضوء في أرجاء الديار

مازال يركب عاصفة ...

يردد على لسان صاعقة : لا رجوع لا رجوع ...

من يمسح دمع الشوارع الأحمر ؟

من يمحو تواقيع العناكب من على لعبِ الأطفال

و الأبواب الموصدة ؟

من يعيد للساحات صخب الصبية ؟

و للأشجار زقزقة العصافير

من يعيد تسَكُّعِ الضحكات على الشفاه.. من ؟

من يفكّ عن الألسن الأقفال




كي نغني نحب البلاد.... نحب البلاد 

13- بين أسوار الوطن 

الليلة ملبدة سمائي بغيوم
الغائبون الحاضرون
الأشجار , المدينة , ..إلى آخر حجر كبير في زاوية
...
في ذاكرة العين : ريح
ترتب شعر زيتونة راقصة
في ذاكرة الخيال : إمرأة
فتحت باب القلب ذات عام
في ذاكرة الأنف : رائحة الغاب
في ذاكرة الأذن : نباح كلب في الأحراش
في ذاكرة المدن : شيخ
يتوكأ على عصا الزمن
و يمشط أرصفة المدن
أبي يقبع على جبيني يرقب غيمة
و أرضا بلا مطر...
الجميع يفترشون بساطا في رأسي
و أنا وحدي على بساط الليل
فوق الأرض و تحت القمر
أحاول صقل السكين
و ذبح الألم
عيدا للنسيان....
ألف مرة أرتب ذاكرتي للسفر
ألف مرة أجرب ركوب رياح أخرى
بعيدا عن الشجن
إلى أزقة تنتعل أحذية الفرح
إلى شوارع ترسم
على جنباتها لغة الغزل...
فتأسر قلبي رياح الحنين
و أعود باكيا للوطن



14- تأملات 



كان المساء أشلاء ..
يشكل الغيم ابلا
ترعى عشب السماء ... أستحضر
أم بعيدة ...و مدن تحمل الأرصفة و الذكريات ..
ها كل الأوجاع :
كلاب تنبح في أزقة الذاكرة
كان الأمس :
ذئب يعوي
في أدغال الوقت
وراء قطيع أمنياتي
و وقتي الطويل :
يصنع من الملل
أنشوطة لاغتيالي
و سلاحي
جريدة قديمة ’
قهوة باردة و سجائر تجلد القلب
خيالي :
عصفور :يبني من قش الذكريات أشاشا

على شجر التأمل ....
تمر بعيني قوافل نوق
و سرب طائرات,
كوخ صغير
و ناطحات السحاب
تمر كل الفروق....
كل التناقضات...
ومسائي يتثاءب
مثقلا بنسائم البلاد...
رائحة تنور أمي
تعبر الشمال .. التضاريس و الجبال
تستوطن على تلة الحدقة
في مرج العينين...
وحدي أقاتل الغياب
برماح الذكرى
وأ قواس الكلمات


15-تلة أو حجر 


إنفجارات توقظ الليل البهيم

من على سرير السكينة و الحذر

جدار على يسارك ينحني فجأة

قطة تنال الشهادة

دون أن تنتفض...

وراءك مجد و أمامك أذيال خيبة

في خاصرتك طعنة و على جبينك الذكرى

فوقك القمر و أمنيات عالية

في خيالك فجرك مقبل على خطى حلزونة

في ذاكرتك المتنبي و في سلة نسيانك المعري

و في قيلولة مراعيك البعيدة

عشبة يابسة و نعجة هزيلة

يستجديان على أرصفة السحاب دمعات غيمة لا تبالي

كل الرعاة أهدوا نعاجهم وليمة للذئاب

و ناموا يتنظرون الغد...

هناك في غابة عند الوحش

طائر و أغنية يدافعان

عن عش و غصن

عن أم و فراخ

هناك في زمن تكسرت فيه عقارب الساعات

ديك يتأبط صيحة و دفاتر صلاة ضاعت أوقاتها

يبحث عن فجر ضائع ….

كل الأسئلة تنبت شوكا

على شفاه هذا العالم الداكن بالحيرة

زيتونة في الحقل بلا طموح



صفصافة بلا ظل في الظهيرة ؟

طفل و رصاصة عابرة يلتقيان من غير موعد

على موائد الآخرة….

يقولون الشمس لم تغير المسار

لم يهدأ السلطان

العالم صار بركة من فوضى

..مهلا يا مطر الدم

ليت أمي ربوة و أبي الجبل

و أنا طفلهما: تلة أو حجر

مهلا يا وطن…………




16- لحظة ندم 


أحببتك عاما 
وهجرتك عشرات 
صادقتك حربا 
وخاصمتك حروبا 
ذكرتني عمرا 
فذكرتك لحظات ..
وسلكت دروب الأرض 
علك تقتفي لي 
أثر قدم 
فكانت ورائي الرياح 
وفتشت ردم الزمان عاما عاما 
علك تعثرين لي عن سر 
فكانت كل أوقاتي سجينة 
وكل أسراري في زوايا مستحيلة 
وحتى الحروب التي خضتها 
مع قلبي
 لم تفارق ساحة الوغاء :صدري ...
أنا تعلمت الجفاء والبكاء من غيم السماء
وتعلمت فن تمويهك في لهوي وتيهي
حتى إغتلتك بسيف اللامبالاة
عندها هرولت مسرعا 
وفي منعرج مظلم من زقاق القصيدة 
نعيت ضحيتي سرا 
لأني لم أقتل سوى من أحببت 
سوى من أحب




17 - شغب الايام : المختار محمد الدرعي


أنزل صباحا في الزحام
منتعلا حلمي على الأرصفة
أدخل الأسواق
أشتري يومي بالذكريات
ألوذ مني إليَّ
أبيع أمنية لأشتري خطوة مقبلة
أرمي أٌخرَى على الرصيف من ثقل
و أمضي ملتفتًا إليها..
أقتني أدواتي على غفلة مِمَن ورائي....
أعود من النهار
أطرق الباب
و وحدي أفتح الباب
أقول السلام
و عليَّ أرد السلام
يحتضنني الفراغ
تصافحني صورة قديمة على جدار
جريدة صفراء
و نافذة عليها تواقيع الريح و الأمطار
أخلع تعبي و نعلي
أٌُسندني ميتًا يرَدِدُ الأنفاس
تقبِّلني وسادتي
تبدأ ضوضاء النهار غناء الصراصير برأسي
أمتطي الغياب على حين غفلة من شغب
يسافرالخيال وأبقى وحيدا في المكان
كل الوحوش الضارية تجتمع بغابة رأسي
و حين تَفْترِسنِي ...أَصْحو
لِأَمْضِي وحيدًا في لَيْلِ اليقظة
إلى شغبِ اليَومِ الجديد
و مطارق أخْرَى تصْقِل برأْسِي الحَدِيد


  18   ذات حرب : شعر المختار الدرعي 

أعقاب سجائر، أوراق مبعثرة,
فكرة تحاول الولادة من حجر
نور يلتهم بقايا ظلمة في شفق مصفر
.و قصيدة التهمت كل الليل و لم تنتهي بعد

نهار ينهض من سريره المبلل بندى البارحة
،كل الأفكار تحوم حول رأسي مثل طائرات الهيليكوتر و كأن حربا في الأفق ؟ ، و لا غيمة تزرع الطمأنينة في الحقول العطشى

لا أرصفة محملة بأصوات
الباعة الحالمين بالرغيف
لا موسيقى في تقطقات أحذية العابرين
الكل على الهامش تقرأ في وجهوهم أحزان التراب و الحجر
أبواب موصدة تحمل تواقيع الحزن في ألوانها
لا أثر لأقدام على العتبات
غير سماء و أزيز طائرات.



هناك تعليق واحد: